الجمعة ٢٢ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥
بقلم خالد الفقيه
يتهدد جدار الفصل العنصري الذي تخطط الحكومة الإسرائيلية لإقامته على أراضي محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية بالإضافة إلى ضم عشرات الآلاف من الدونمات الزراعية بالاستيلاء على أكثر من ( 139 ) موقعا اثريا تعود للحقبتين الرومانية و البيزنطية إضافة إلى عدد من المقامات الإسلامية التي بنيت في العهد الأيوبي .
و قال صايل الديك مدير السياحة و الآثار في المحافظة أن الجدار سيؤثر على خلاصة الحركة الفلسطينية و تكوينها الحضاري و الثقافي و التاريخي التي تدل على أصالة الشعب ، مشيرا إلى أن الجدار سيقتلع و يلتهم آلاف الأشجار من الزيتون الروماني ، إذ سيتوغل مسافة (27) كم في أراضي المواطنين ، و بالتالي عزلهم عن مزارعهم التي يعتاشون منها ، حيث سيكون الوصول إليها و إلى المقامات الدينية بحاجة إلى تصاريح خاصة و عبر بوابات محددة ، والتجربة في المحافظات الأخرى تبيّن صعوبة ذلك و استحالته .
و أوضح أن المنطقة المهددة بالمصادرة تعاني تهديدا للحالة الحضارية و التراثية للفلسطينيين ، خاصة و أنها ممتلئة بالأديرة و عيون الماء التي كانت تشكل محطات استراحة للحجاج الوافدين من القسطنطينية إلى بيت المقدس و طرق مرور لجيوش الفتح الإسلامي . و أضاف الديك أن سلفيت تعد المحافظة الثانية بعد القدس المهددة بالتهويد و تغير الهوية من حيث حجم الهجمة الاستيطانية التي تتعرض لها .
و طالب المؤسسات المحلية و الدولية بالتحرك السريع لحماية ( 139 ) موقعا اثريا موزّعة بين مقامات دينية و مواقع أثرية مهددة بالتدمير و العزل بسبب الجدار العنصري ، لِما لذلك من تأثير على الحياة التراثية الفلسطينية التي تعد جذورا و امتدادات تاريخية طويلة شكّلت و لا زالت عيّنات لحضارات قامت على هذه الأرض في مختلف العصور .
و استعرض الديك في حديثه الموقع و الأماكن الأثرية و المقامات الدينية التي ستتأثر من جدار الفصل العنصري أما بالتدمير أو العزل و صنفها بالتالي :
في سلفيت سيضم الجدار خربة الشجرة وخربة اللوز و خربة بنت الحبس و خربة مرار و خربة جلال الدين . و في بديا خربة سيلينا و خربة حزيمة و بعض المدافن الصخرية . أما في بلدة كفر الديك فيهدد الجدار بالضم خربة سوسية وهي إسلامية و قيسارية و هي بيزنطية و اشراف داريا و دير سمعان ودير قلعة وخربة الحمقة و خربة عرارة والشيخ صبح . و في بلدة ابروقين خربة الفخاخير وخربة كركش و خربة المطوي و خربة الشقف وخربة السلوخ
وأضاف أيضا أن آثار بلدة الزاوية و هي سيريسيا و دير قديس و الرميلة ستلتهم كذلك بالإضافة إلى طفسة وخربة قانا في ديراستيا والبلدة ومزار الشيخ أبو زرد في ياسوف، وخربة أم البريد وخربة كسفا وخربة أم التينة في رافات، وخربة دير المير وخربة الدوير في دير بلوط، وخربة دير بجالة وقبر النبي ذو الكفل وقبر يوشع وقبر ذي النون في كفل حارس، وخربة البرك في حارس.
الأمر يطال حسب الديك أيضا آثار قرية قراة بني حسان و هي دار الضرب و التي تعتبر نموذجا مصغرا عن مدينة البتراء الأردنية و قصر صباح وقصر منصورة و خربة الفريديس.
و أكد مدير السياحة و الآثار في سلفيت أن بعض هذه الأماكن يعود إلى بدايات العصر الكنعاني في فلسطين و البعض الأخر يعود إلى العهود الرومانية والبيزنطية والصليبية و المملوكية والعثمانية .
ويخشى الفلسطينيون أن يقوم المتدينون اليهود بتزوير الحقائق وهو أمر ليس بالجديد عليهم من خلال الادعاء بان هذه الآثار والمواقع توراتية يهودية وبالتالي إضفاء شرعية قدسية عليها رغم في ذلك من تحايل على التاريخ وحقائقه.
من جهته وجه الشيخ عبد الحكيم عيسى مدير أوقاف سلفيت نداء إلى المسلمين في العالم للوقوف إلى جانب الفلسطينيين في الدفاع عن هذه المقدسات والآثار التي وصفها بأنها تشكل بعدا تاريخيا وسياسيا ودينيا وجغرافيا واستراتيجيا، وفي المقدمة منها المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس المحتلة.
وقال : إن هذا الجدار يشكل عقبة كأداء أمام الشعب الفلسطيني فهو يلتهم الأرض والإنسان و الشجر والحجر ولن يبقي لا اخضر ولا يابس .
وأكد تمسك الأوقاف والفلسطينيين في الدفاع عن هذه المقدسات والمكونات التاريخية مشيرا إلى خطوات بدأت دائرته بإتباعها ومنها إطلاع الوزارة على المخطط الإسرائيلي وكذلك الحال بالنسبة للمنظمات الدولية ذات العلاقة، ويمكن القول إن الاستيطان والجدار وكل مكونات الاحتلال تشكل خطرا حقيقا ليس فقط على الإنسان و الأرض بل وعلى نتاج وخلاصة حركة الشعب الفلسطيني و أرضه وما افرزه زمنيا باتت تعرف بالإرث الحضاري و التكويني الإنساني.
خالد الفقيه
اعلامي فلسطيني - رام الله - فلسطين