الديراستاوي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الديراستاوي

بسم الله الرحمن الرحيم... منتديات الديراستاوي ...       للأعلانات النصية في هذه المنطقة الرجاء ارسال نص الإعلان برسالة نصية (70 حرف فقط ) الى الرقم : 00962785948814   والفترة المجانية محدودة  ,,, شكرا                                                                                                                                             نرحب بكم في دردشة الديراستاوي للدخول اضغط هنا أو  اضغط هنا للأستفسارات الرجاء التواصل مع الدعم الفني عن طريق deristawy@hotmail.com                                                                                        شركة القاضي للمحاماه والتحكيم (المحامي منتصر القاضي ) محاماه واستشارات قانونية - علامات تجارية - الأردن عمان موبايل رقم 00962785744044
                                                                                                                                                                        

    من ذكريات الانتفاضه

    avatar
    زائر
    زائر


    من ذكريات الانتفاضه Empty من ذكريات الانتفاضه

    مُساهمة من طرف زائر الأحد فبراير 17, 2008 9:01 pm

    من ذكريات انتفاضة الحجارة

    --------------------------------------------------------------------------------

    تمر على الفلسطينيين في هذه الأيام الذكرى العشرين للانتفاضة الأولى، التي اندلعت في العام 1987، ودرجت العادة على تسميتها بـ"انتفاضة الحجارة"، نظرا لأن الحجارة كانت السلاح الأبرز الذي استخدمه الفلسطينيين، وواجهوا فيها إسرائيل بجبروتها وقوتها وتسلطها، وأعادوا من خلالها تذكير العالم بقضية شعب يعاني الأمرّين تحت نيران الاحتلال، حتى بدت ملامح "أسرلته" ظاهرة للعيان، بفعل ما كانت تمارسه إسرائيل بحقه، من خلال عملية التجهيل والطمس وتغيير وقلب المفاهيم.إرهاصات تلك الانتفاضة كانت كثيرة ومتراكمة، لكن شرارة الانطلاق كانت في الثامن من كانون الأول (ديسمبر) حينما أقدمت آلية عسكرية إسرائيلية على دهس مجموعة من العمال الفلسطينيين ..
    أمام حاجر بيت حانون (إيرز) بصورة متعمدة، فاستشهد اثر هذا الحادث 5 وأصيب 7، جميعهم من مخيم جباليا للاجئين (أكثر مخيمات غزة ازدحاما بالسكان)، فكانت ثورة الغضب التي سرعان ما انتشرت في جميع أنحاء قطاع غزة، خصوصا في اليوم التالي، عقب تشييع جثامين الشهداء، وما هي إلا ساعات حتى امتدت الشرارة إلى مدن ومخيمات الضفة الغربية، فخرجت المظاهرات الغاضبة من كل مكان، وسط ذهول وصدمة سيطرت على إسرائيل، فاضطر رئيس وزرائها في ذلك الحين إسحاق شامير لقطع زيارة خارجية كان يقوم بها، لكي يقف على حقيقة ما يجري، والتطور الكبير الذي لم يكن في الحسبان.



    ورغم أن الثورة التي أشعلها الفلسطينيين كانت شعبية، ولم يُستخدم فيها السلاح، إلا أن الجيش الإسرائيلي تعامل معها بكل قسوة، وأصدر قادته الأوامر بوقفها بكل الطرق الممكنة، فبدأت الطائرات بإلقاء القنابل الدخانية والمسيلة للدموع لتفريق عشرات الآلاف من المتظاهرين، فيما أطلق الجنود العنان لرشاشاتهم التي حصدت الكثير وأوقعت العشرات بين قتيل وجريح في الأيام الأولى من تلك الهبّة التي حملت فيما بعد اسم "انتفاضة".



    ومع مرور الأيام صبغت مدن غزة والضفة بصبغة جديدة، وأخذت الانتفاضة في التصاعد بشكل تدريجي، لا سيما بعد اغتيال إسرائيل للشهيد خليل الوزير "أبو جهاد" أحد قادة الانتفاضة في الخارج، وباتت مشاهد المواجهات بين شعب ثائر وجيش مدجج بأعتى الأسلحة أمرا يوميا، فيما يراقب العالم بصمت هذه الثورة ويشاهد عبر الشاشات ذلك الصراع الغريب بين حجر بسيط ودبابة بدت للوهلة الأولى عاجزة عن الصمود أمام هذا الحجر، الذي أُضيف إليه مع مرور الأيام أصناف جديدة من الأسلحة تنوعت بين "زجاجات فارغة"، وقنابل "مولوتوف"، و"سكاكين"، وعوائق تمثلت بحبات من "البطاطا" التي غُرست فيها "المسامير" لتعطيل سير العربات العسكرية الإسرائيلية، بينما كانت قطع القماش والصوف السلاح الأنجع لتعطيل سير الدبابات والمجنزرات الإسرائيلية.




    وإزاء هذا التصاعد في الانتفاضة أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إسحاق رابين أوامره الشهيرة بتكسير عظام المتظاهرين، فشاهد الملايين عبر شاشات التلفاز الجنود وهم يحطمون بأعقاب بنادقهم أيادي وأرجل الفتية والشباب الفلسطينيين، فلم يكن ذلك سوى حافزا للمزيد من التمرد والثورة، لتستمر يوميات الانتفاضة بتفاصيلها ولوحاتها التي لا زالت مغروسة في ذهن كل من عايشها وشارك فيها.



    حينما اندلعت تلك الانتفاضة لم أكن أبلغ سوى الثالثة من عمري، ولا أذكر بداياتها الأولى، لكن ذاكرتي تختزن بالكثير من تفاصيلها، فقد كان أمرا حتميا على كل من عاش تلك الحقبة أن يشارك، فطبيعة الانتفاضة كانت تقضي بمشاركة الجميع، سواء كان طفلا أو شابا أو كهلا، أو حتى امرأة، وبالنسبة لي ولأقراني كان رشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة بمثابة اللعبة الأفضل، رغم الضرب المبرح الذي كان ينتظرنا في كل مرة، بواسطة "العصي الغليظة" التي كان يحملها الجنود، أو حتى رصاص "المطّاط" الذي لا تزال آثاره مغروسة في جسدي.




    لكن أقسى ما تجرعته من تلك الحقبة كان في أواخرها، وقبل أيام قليلة من خط النهاية الذي رُسمت معالمه في أوسلو، فقد اعتاد الجنود الإسرائيليين على اقتحام البيوت في ساعات الليل المتأخرة دونما استئذان، وفي تلك الليلة لم أفق من نومي بجانب جدتي إلا على وقع قدم جندي إسرائيلي وقد استقرت فوق رأسي، وسط قهقهات عالية ترددت في أرجاء الغرفة من ذلك الجندي ومَن معه من الجنود، في حين كان زميلا لهم يحطم ما تبقى من العظام السليمة في جسد جدتي المسكينة، التي دفعت ثمن اختفاء والدي وعمي المتهم بحيازة "سكين محظور"، فكان مشهدا قاسيا بالنسبة لي، خصوصا انه جاء في وقت ما فتئ يردد فيه الجميع عبارات السلام والوفاق والاتفاق، حتى أن الجنود وبعد أن قاموا بفعلتهم وقفلوا عائدين رددوا معا وبصوت واحد وبلكنتهم الغريبة: "شالوم".."هاي آخر مرة بنزوركم"!..



    بداية تلك الانتفاضة لم يقررها أحد، لكن نهايتها كانت بقرار سياسي، إذ أصبح الثالث عشر من سبتمبر (أيلول) آخر أيامها، حينما وقعت اتفاقية إعلان المبادئ في العاصمة النرويجية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة العبرية، وعادت بعدها طلائع القوات الفلسطينية إلى غزة والضفة الغربية، وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني.. مرحلة أخذ فيه الصراع منحى جديدا، لكن الثورات لم تتوقف، فشهد العام 1996 ما سمي بـ"هبّة النفق" اثر إقدام السلطات الإسرائيلية على فتح نفق أسفل المسجد الأقصى، قبل أن تندلع بعد ذلك بأربع سنوات انتفاضة أخرى، لم تكن الحجارة عنوانا لها، ولم يعد يعرف أحد هل انتهت أم لا!.
    __________________
    لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 6:35 am