كان الشاب رامي طلال يرافق صديقه أحمد أبو جلدة( 15 عامًا)، في حفل عرس تحول لمأتم، والسبب طلقات نارية "مبتهجة" أفسدت كل شيء.
لم يكن رامي و أحمد يعرفان أن الحفل الذي يستمتعان فيه، سيفرقهم إلى الأبد. ولن يكمل أحمد لا أحلامه بالوصول إلى التوجيهي، أو ممارسة الدبكة الشعبية أو التصفيق في حفل آخر.
يروي: كنا نصفق وندبك، ولكن بسرعة انفلتت رصاصات من أحد الشبان بطريق الخطأ، فقتلت صديقي أحمد سمير أبو جلدة، و رمزي ياسر ساق الله في ساحة العرس، بمنطقة "مراح سعد" في جنين، وتوفي علاء فارس بعدها في المستشفى متأثرا بجراحة.
العرس-المأتم
" تحول كل شيء إلى الحزن، العرس الذي كان فرحًا، الشبان، والدة العريس، الساحة التي كان الناس يدبكون فيها ويرقصون ويغنون، كل شيء"خربته" الأسلحة النارية والرصاص."
هكذا يضيف رامي، الذي يسكن في الحي نفسه، الذي كان مسرحًا ليل الخميس –الجمعة في الثالث من آب، لليلة فرح ومصائب في الوقت نفسه.
من كلام رامي ومن أخبار الصحافة المحلية وما تناقلته الألسن، يمكن الخروج بقائمة ضحايا طويلة: الشبان الثلاثة الذين سقطوا في الفرح، والشاب الذي أطلق النار بطريق الخطأ، وعائلة الضحايا، وعائلة العريس، وسكان الحي، والأطفال.
ووفق الرواية الرسمية للمصادر الأمنية التي جاءت على لسان العقيد محمد أبو زيد، قائد شرطة جنين:" وقع أحد الشبان الذين كانوا يطلقون الرصاص في الهواء على الأرض، وهو يطلق الرصاص من بندقيته، فأصيب المواطنون الثلاثة الذين توفي اثنان منهما على الفور، بينما توفي الثالث متأثرا بجراحة في وقت لاحق."
وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام عن أبو زيد، فإن إطلاق الرصاص في الأعراس، لا يشكل حالة فرح وابتهاج، بقدر ما يشكل خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين، وأمنهم وسلامتهم، إلى جانب كونه مصدراً للإزعاج."
وستوصي الشرطة الجهات القضائية المختصة بإيقاع أقصى العقوبات وأشدها ضد مطلقي الرصاص في الأعراس، إلى جانب قرار اتخذته الشرطة يقضي بإلقاء القبض على كل عريس يتم إطلاق الرصاص خلال عرسه، حتى يتنبه الجميع لمخاطر إطلاق الرصاص.
نيران غير صديقة!
تنتشر في شوارع جنين أحاديث عن ضحايا"النيران غير الصديقة" كما أطلق عليها التاجر بهاء إبراهيم، ويستذكرون الشاب علاء فارس، الذي قتل برصاصة طائشة.
من الأحاديث يمكن الاستماع إلى عديد الروايات المحزنة، فعلاء أب لطفل وطفلة وينتظر مولدا جديدا، وهو وحيد عائلته التي لم يبق فيها أحدًا، والشاب الذي اتهم بإطلاق النار كان يستعد بعد أسبوع للزواج من ابنة عمه، وبطاقات الفرح التي أرسلت قبل يوم الحادث للمدعوين، والفتى أحمد أبو جلدة كان ينتظر بفارغ الصبر وفق صديقه، بدء دراسة الثانوية العامة.
يؤكد مسؤول التوثيق في الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، مأمون عتيلي، في حديث خاص بـ"حوارات": إن الهيئة سجلت سبع حالات لضحايا سقطوا منذ مطلع العام الحالي( 3 في جنين، واحد في نابلس، وثلاث في غزة)، جراء إطلاق النار في الأعراس، إلى جانب عشرات الجرحى.
وبحسب عتيلي، فإن 195 مواطنا فلسطينيا سقطوا خلال العام الحالي ، وفي حوادث مختلفة كالشجار والسرقة والفلتان الأمني والقتل على خلفية الشرف.
يقول عتيلي: إن استخدام الأسلحة النارية في الأعراس، والأرقام المرتفعة للضحايا والمصابين، مؤشر خطير على تنامي هذه الظاهرة.
يصف الاهتمام من قبل الأجهزة الأمنية بعلاج أطلاق النار في المناسبات العامة بـ"غير كافٍ"، والإجراءات المصاحبة لما يحدث بـ"المتأخرة"، فمعظم من يطلق النار إما أفراد من الأجهزة الأمنية، أو من التنظيمات السياسية.
يقول: وبالطبع ساعد اختفاء الإجراءات الرادعة، والتأخر في إصدار الأحكام القضائية بحق مطلقي النار، على تفشي الكثير من الظواهر السلبية.
يقدر عتيلي الحالات المتهمة بقضايا القتل، والتي صدر بحقها أحكاما قضائية، بـ 30 في المائة من المجموع العام، وهو ما يدفع لتفشي ظاهرة أخذ الحق باليد.
كان عتيلي نفسه شاهد عيان على فوضى السلاح في الأفراح حين أخذ أحد الشبان يسرف في أطلاق الرصاص، ما دفعه للانسحاب سريعا من الفرح.
"الفُخية"
بدأ الصحافي وليد اللوح، الذي يسكن مدينة غزة بمراقبة حالة أخرى مصاحبة للأفراح، يطلقون عليها اسم"الفُخية".
يقول: حينما تحل ضيفاً على حفل لأصدقاء، يفاجئك العدد الكبير من الأطفال المشاركين في هذا الجو غير العادي، وتذهل من عدد البنادق محلية الصنع التي يتجول بها الأطفال بين الحضور، مطلقين العنان لأصواتها أن تصدح وتنافس أصوات الموسيقى.
شرع وليد في البحث عن لحظة للهرب من العرس، بفعل رائحة البارود و البنادق الخشبية الملفوفة بالبلاستيك، والكبريت المنزلي الذي يوضع في حاوية من الحديد تتعرض للطرق لتفعل فعلها، وتظهر أن البنادق الدمى، قادرة على تقليد النسخ الأصلية منها.
لكنه يعرف في الوقت نفسه، أن السبب يكمن في طفولة مزقها القصف الإسرائيلي وأشكال الموت الجماعي، ورائحة بارود ورصاص إسرائيلي وغيره سرقت الهواء والهدوء.
فيما يخشى وليد، أن تتنامى ظواهر عنف ورعب وفوضى تتسلل إلى سلوك الأطفال وغيرهم، حتى في لحظات الفرح النادرة، وعندها تصبح الأعراس ساحة للعروض العسكرية، ونبدأ في جمع أعداد الضحايا والمصابين.
لم يكن رامي و أحمد يعرفان أن الحفل الذي يستمتعان فيه، سيفرقهم إلى الأبد. ولن يكمل أحمد لا أحلامه بالوصول إلى التوجيهي، أو ممارسة الدبكة الشعبية أو التصفيق في حفل آخر.
يروي: كنا نصفق وندبك، ولكن بسرعة انفلتت رصاصات من أحد الشبان بطريق الخطأ، فقتلت صديقي أحمد سمير أبو جلدة، و رمزي ياسر ساق الله في ساحة العرس، بمنطقة "مراح سعد" في جنين، وتوفي علاء فارس بعدها في المستشفى متأثرا بجراحة.
العرس-المأتم
" تحول كل شيء إلى الحزن، العرس الذي كان فرحًا، الشبان، والدة العريس، الساحة التي كان الناس يدبكون فيها ويرقصون ويغنون، كل شيء"خربته" الأسلحة النارية والرصاص."
هكذا يضيف رامي، الذي يسكن في الحي نفسه، الذي كان مسرحًا ليل الخميس –الجمعة في الثالث من آب، لليلة فرح ومصائب في الوقت نفسه.
من كلام رامي ومن أخبار الصحافة المحلية وما تناقلته الألسن، يمكن الخروج بقائمة ضحايا طويلة: الشبان الثلاثة الذين سقطوا في الفرح، والشاب الذي أطلق النار بطريق الخطأ، وعائلة الضحايا، وعائلة العريس، وسكان الحي، والأطفال.
ووفق الرواية الرسمية للمصادر الأمنية التي جاءت على لسان العقيد محمد أبو زيد، قائد شرطة جنين:" وقع أحد الشبان الذين كانوا يطلقون الرصاص في الهواء على الأرض، وهو يطلق الرصاص من بندقيته، فأصيب المواطنون الثلاثة الذين توفي اثنان منهما على الفور، بينما توفي الثالث متأثرا بجراحة في وقت لاحق."
وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام عن أبو زيد، فإن إطلاق الرصاص في الأعراس، لا يشكل حالة فرح وابتهاج، بقدر ما يشكل خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين، وأمنهم وسلامتهم، إلى جانب كونه مصدراً للإزعاج."
وستوصي الشرطة الجهات القضائية المختصة بإيقاع أقصى العقوبات وأشدها ضد مطلقي الرصاص في الأعراس، إلى جانب قرار اتخذته الشرطة يقضي بإلقاء القبض على كل عريس يتم إطلاق الرصاص خلال عرسه، حتى يتنبه الجميع لمخاطر إطلاق الرصاص.
نيران غير صديقة!
تنتشر في شوارع جنين أحاديث عن ضحايا"النيران غير الصديقة" كما أطلق عليها التاجر بهاء إبراهيم، ويستذكرون الشاب علاء فارس، الذي قتل برصاصة طائشة.
من الأحاديث يمكن الاستماع إلى عديد الروايات المحزنة، فعلاء أب لطفل وطفلة وينتظر مولدا جديدا، وهو وحيد عائلته التي لم يبق فيها أحدًا، والشاب الذي اتهم بإطلاق النار كان يستعد بعد أسبوع للزواج من ابنة عمه، وبطاقات الفرح التي أرسلت قبل يوم الحادث للمدعوين، والفتى أحمد أبو جلدة كان ينتظر بفارغ الصبر وفق صديقه، بدء دراسة الثانوية العامة.
يؤكد مسؤول التوثيق في الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، مأمون عتيلي، في حديث خاص بـ"حوارات": إن الهيئة سجلت سبع حالات لضحايا سقطوا منذ مطلع العام الحالي( 3 في جنين، واحد في نابلس، وثلاث في غزة)، جراء إطلاق النار في الأعراس، إلى جانب عشرات الجرحى.
وبحسب عتيلي، فإن 195 مواطنا فلسطينيا سقطوا خلال العام الحالي ، وفي حوادث مختلفة كالشجار والسرقة والفلتان الأمني والقتل على خلفية الشرف.
يقول عتيلي: إن استخدام الأسلحة النارية في الأعراس، والأرقام المرتفعة للضحايا والمصابين، مؤشر خطير على تنامي هذه الظاهرة.
يصف الاهتمام من قبل الأجهزة الأمنية بعلاج أطلاق النار في المناسبات العامة بـ"غير كافٍ"، والإجراءات المصاحبة لما يحدث بـ"المتأخرة"، فمعظم من يطلق النار إما أفراد من الأجهزة الأمنية، أو من التنظيمات السياسية.
يقول: وبالطبع ساعد اختفاء الإجراءات الرادعة، والتأخر في إصدار الأحكام القضائية بحق مطلقي النار، على تفشي الكثير من الظواهر السلبية.
يقدر عتيلي الحالات المتهمة بقضايا القتل، والتي صدر بحقها أحكاما قضائية، بـ 30 في المائة من المجموع العام، وهو ما يدفع لتفشي ظاهرة أخذ الحق باليد.
كان عتيلي نفسه شاهد عيان على فوضى السلاح في الأفراح حين أخذ أحد الشبان يسرف في أطلاق الرصاص، ما دفعه للانسحاب سريعا من الفرح.
"الفُخية"
بدأ الصحافي وليد اللوح، الذي يسكن مدينة غزة بمراقبة حالة أخرى مصاحبة للأفراح، يطلقون عليها اسم"الفُخية".
يقول: حينما تحل ضيفاً على حفل لأصدقاء، يفاجئك العدد الكبير من الأطفال المشاركين في هذا الجو غير العادي، وتذهل من عدد البنادق محلية الصنع التي يتجول بها الأطفال بين الحضور، مطلقين العنان لأصواتها أن تصدح وتنافس أصوات الموسيقى.
شرع وليد في البحث عن لحظة للهرب من العرس، بفعل رائحة البارود و البنادق الخشبية الملفوفة بالبلاستيك، والكبريت المنزلي الذي يوضع في حاوية من الحديد تتعرض للطرق لتفعل فعلها، وتظهر أن البنادق الدمى، قادرة على تقليد النسخ الأصلية منها.
لكنه يعرف في الوقت نفسه، أن السبب يكمن في طفولة مزقها القصف الإسرائيلي وأشكال الموت الجماعي، ورائحة بارود ورصاص إسرائيلي وغيره سرقت الهواء والهدوء.
فيما يخشى وليد، أن تتنامى ظواهر عنف ورعب وفوضى تتسلل إلى سلوك الأطفال وغيرهم، حتى في لحظات الفرح النادرة، وعندها تصبح الأعراس ساحة للعروض العسكرية، ونبدأ في جمع أعداد الضحايا والمصابين.